إرشادات لصياغة منهجية تحليل السؤال المفتوح
إن التوجیهات الصادرة في هذا الشأن، تؤكد على تصور منهجي مضبوط لمقاربة السؤال المفتوح، وهذا أمر یفسح المجال لكثیر من التضاربات والتأویلات، ونعتقد أن طریقة السؤال المفتوح هي بالعكس، من الطرق الأكثر استعمالا لتقییم التلامیذ مقارنة مع طریقة القولة–السؤال، وحتى تكون منهجیة مقاربة السؤال المفتوح في المتناول سنصحب الخطوات النظریة بنموذج، الهدف منه الاقتراب من الكیفیة التي یمكن من خلالها فهم الجانب النظري. من أجل ذلك، نقترح السؤال التالي: "هل یمكن اعتبار الشخصیة حتمیة اجتماعیة ؟"
یمكن أن نلاحظ أن هذا السؤال قابل لكي نجیب علیه بالنفي أو الإیجاب أو برأي ثالث یتأرجح بینهما...إلخ. صحیح أن الفلسفة تفكیر نقدي، إلا أنها، في ذات الوقت، تفكیر عقلي منطقي ینبني على المساءلة والفهم والتفكیر قبل إصدار الأحكام. وحتى لا یظهر موضوعنا في صورة الأحكام القبلیة والجاهزة، لا بد من أن یكتسي صیغة إنشاء، أي بناء فكري متدرج ینطلق من الفهم إلى النقد، مستثمرین الأطروحات الفكریة والفلسفیة التي نعرفها. لنتفحص السؤال المطروح أولا
یلاحظ أننا إذا أزلنا الطابع الاستفهامي للسؤال (هل) یمكن اعتبار الشخصیة حتمیة اجتماعیة (؟)، نحصل على العبارة التالیة : "یمكن اعتبار الشخصیة حتمیة اجتماعیة". الأمر الذي یستدعي منا أولا، توضیح ما معنى أن تكون الشخصیة حتمیة اجتماعیة؟ ! قبل أن ننطلق في مناقشة "هل یمكن اعتبارها حتمیة اجتماعیة ؟". ونعتقد أن تسجیل هذه الملاحظة الأولیة سیساعدنا على تمثل الخطوات المنهجیة اللاحقة.
طبیعة المقدمة:
لا یجب، أبدا، أن ننسى أن هدف المقدمة في الفلسفة، هو أن نحول الموضوع، المطروح علینا، إلى قضیة إشكالیة. وعلیه لابد أن یتحول السؤال ذاته، إلى إشكالیة. وذلك بتأطیره، أولا، داخل الموضوعة العامة، ثم داخل الإشكالیة الخاصة. كما هو الشأن بالنسبة للنص، أو القولة. لكي تنتهي مقدمتنا، بالتساؤلات الضروریة، المستلهمة من السؤال المطروح علینا ذاته. وحتى یكون كلامنا إجرائیا نعود إلى سؤالنا.
التأطیر الإشكالي للسؤال المقترح: یمكن أن یتخذ تقدیمنا العام، صیغا متنوعة. كأن نستغل – مثلا – التنوع الدلالي لمفهوم الشخصیة، أو نستغل طبیعة الفلسفة وما تتسم به من خصوصیة في دراستها للقضایا المتمیزة بطابعها الإشكالي، لنخلص بعد ذلك إلى التأطیر الإشكالي للسؤال، بإظهار أن هذا السؤال یحتم علینا مقاربة مفهوم الشخصیة خصوصا من حیث إشكالیة الشخصیة وأنظمة بنائها.
لننتهي إلى طرح الإشكالیة من خلال صیغة تساؤلیة كالآتي: ما معنى أن تكون الشخصیة حتمیة اجتماعیة ؟ وإلى أي حد یمكن اعتبارها (أي الشخصیة) منتوجا حتمیا لمعطیات اجتماعیة موضوعیة ؟ فلا یجب أن ننسى أن المهم في بناء الإشكالیة، لیس هو وضع التساؤلات لذاتها، ولا عددها، وإنما التعبیر عن التساؤلات التي سنجیب عنها، والتي لن تؤدي الإجابة عنها إلى الخروج عن الموضوع.
طبیعة العرض:
ینقسم العرض إلى مرحلتین، وبالتالي لحظتین فكریتین متكاملتین:
مرحلة فهم القضیة المطروحة علینا لتقییمها، ویجب في ذلك أن نستغل مكتسبنا المعرفي والأطروحات التي درست. حیث یجب أن تنم كتابتنا عن تأطیر فكري للقضیة التي سنناقشها.
ومن أجل ذلك، یجب أن تبتعد كتابتنا عن العمومیات و"الكلام المبتذل" الذي یمكن أن نجده عند "أي كان". إلا أنه في ذات الوقت، یجب أن نتحاشى الطابع السردي، الذي لا ینم إلا عن الحفظ والاستظهار. فنعمل، بالتالي، عن الاستثمار الوظیفي الجید للمدروس (في الفصل أو خارجه).
وبالنسبة "لسؤالنا" یتعلق الأمر هنا بإظهار تمیز الخطاب السوسیوثقافي في التأكید على الحتمیة الاجتماعیة للشخصیة وأهمیة التنشئة الاجتماعیة في بنائها (توظیف نماذج من الأطروحات السوسیوثقافیة)، مع الحرص على إبراز اقتراب بعض التصورات السیكولوجیة من هذا التمثل.
حیث أن المدرسة السلوكیة مثلا، تنفي دور الاستعدادات الفطریة، والمؤهلات الفردیة، في بناء الشخصیة. كما تتمیز المدرسة اللاشعوریة، بتنویع مكونات الشخصیة، إلى جانب فطري (الهو) وآخر ثقافي (الأنا والأنا الأعلى) والتأكید على توجیه الجانب الثقافي للفطري.
مما یؤكد التفاف العلوم الإنسانیة (باستثناء المدرسة الشعوریة) حول حتمیة الشخصیة. ویمكن الإشارة إلى وجود أطروحات فلسفیة قریبة من العلوم الإنسانیة تؤكد على الحتمیة الاجتماعیة للإنسان (الماركسیة مثلا). لیتم بعد ذلك الانتقال إلى مرحلة البحث عن الأطروحات النقیض، وبالتالي، الاستغلال الوظیفي الجید للأطروحات، التي ترى رأیا مناقضا لما تم طرحه سابقا بعیدا كذلك عن السرد والاستظهار...
ویتعلق الأمر بالنسبة "لسؤالنا" بالأطروحات الفكریة التي تتمثل الشخصیة، وبالتالي الإنسان، بعیدا عن الإكراهات الاجتماعیة المباشرة، أو النفسیة، الناجمة عن تلك الإكراهات. ویتعلق الأمر – في هذا الصدد – بالخطاب الفلسفي الذي یربط الشخصیة بالوعي (كانط ودیكارت)، والخطاب الفلسفي الذي ینفي عن الإنسان كل ثبات، فیرى الشخصیة في تجدد أصیل وفي دیمومة (برغسون). أو یرى أن لیس للإنسان ماهیة ثابتة، لأن "الإنسان یوجد أولا، ثم یحدد ماهیته بعد ذلك" معبرا عن إرادته وحریته (سارتر).
طبیعة الخاتمة:
ما ننفك نؤكد على أن الخاتمة لابد أن تتوزع إلى استنتاج ورأي شخصي. فالاستنتاج یجب أن یكون دائما مستلهما من العرض فیعتبر بالتالي حصیلة، وملاحظة موضوعیة للتنوع الفكري الذي یشوب النظرة إلى القضایا ذات الطبیعة الفلسفیة. الأمر الذي یعطي لنا، كذلك، الفرصة لندلي بدلونا في الأمر، ونعطي رأیا في الموضوع. إلا أن هذا الرأي لابد أن یكون مبررا باقتضاب، فنوظف من أجل ذلك ما نعرفه من أطروحات. وفي كل الأحوال یجب أن نتحاشى الآراء الفضفاضة من قبیل "الأجدر أن نتبنى ما ذهب إلیه الخطاب الفلسفي"، أو "وفي هذا الموضوع یستحسن أن نتفق مع الخطاب السوسیوثقافي." ...إلخ، لأن هذا، كما یلاحظ، كلام یحتاج إلى بعض التوضیح.
إن التوجیهات الصادرة في هذا الشأن، تؤكد على تصور منهجي مضبوط لمقاربة السؤال المفتوح، وهذا أمر یفسح المجال لكثیر من التضاربات والتأویلات، ونعتقد أن طریقة السؤال المفتوح هي بالعكس، من الطرق الأكثر استعمالا لتقییم التلامیذ مقارنة مع طریقة القولة–السؤال، وحتى تكون منهجیة مقاربة السؤال المفتوح في المتناول سنصحب الخطوات النظریة بنموذج، الهدف منه الاقتراب من الكیفیة التي یمكن من خلالها فهم الجانب النظري. من أجل ذلك، نقترح السؤال التالي: "هل یمكن اعتبار الشخصیة حتمیة اجتماعیة ؟"
یمكن أن نلاحظ أن هذا السؤال قابل لكي نجیب علیه بالنفي أو الإیجاب أو برأي ثالث یتأرجح بینهما...إلخ. صحیح أن الفلسفة تفكیر نقدي، إلا أنها، في ذات الوقت، تفكیر عقلي منطقي ینبني على المساءلة والفهم والتفكیر قبل إصدار الأحكام. وحتى لا یظهر موضوعنا في صورة الأحكام القبلیة والجاهزة، لا بد من أن یكتسي صیغة إنشاء، أي بناء فكري متدرج ینطلق من الفهم إلى النقد، مستثمرین الأطروحات الفكریة والفلسفیة التي نعرفها. لنتفحص السؤال المطروح أولا
یلاحظ أننا إذا أزلنا الطابع الاستفهامي للسؤال (هل) یمكن اعتبار الشخصیة حتمیة اجتماعیة (؟)، نحصل على العبارة التالیة : "یمكن اعتبار الشخصیة حتمیة اجتماعیة". الأمر الذي یستدعي منا أولا، توضیح ما معنى أن تكون الشخصیة حتمیة اجتماعیة؟ ! قبل أن ننطلق في مناقشة "هل یمكن اعتبارها حتمیة اجتماعیة ؟". ونعتقد أن تسجیل هذه الملاحظة الأولیة سیساعدنا على تمثل الخطوات المنهجیة اللاحقة.
طبیعة المقدمة:
لا یجب، أبدا، أن ننسى أن هدف المقدمة في الفلسفة، هو أن نحول الموضوع، المطروح علینا، إلى قضیة إشكالیة. وعلیه لابد أن یتحول السؤال ذاته، إلى إشكالیة. وذلك بتأطیره، أولا، داخل الموضوعة العامة، ثم داخل الإشكالیة الخاصة. كما هو الشأن بالنسبة للنص، أو القولة. لكي تنتهي مقدمتنا، بالتساؤلات الضروریة، المستلهمة من السؤال المطروح علینا ذاته. وحتى یكون كلامنا إجرائیا نعود إلى سؤالنا.
التأطیر الإشكالي للسؤال المقترح: یمكن أن یتخذ تقدیمنا العام، صیغا متنوعة. كأن نستغل – مثلا – التنوع الدلالي لمفهوم الشخصیة، أو نستغل طبیعة الفلسفة وما تتسم به من خصوصیة في دراستها للقضایا المتمیزة بطابعها الإشكالي، لنخلص بعد ذلك إلى التأطیر الإشكالي للسؤال، بإظهار أن هذا السؤال یحتم علینا مقاربة مفهوم الشخصیة خصوصا من حیث إشكالیة الشخصیة وأنظمة بنائها.
لننتهي إلى طرح الإشكالیة من خلال صیغة تساؤلیة كالآتي: ما معنى أن تكون الشخصیة حتمیة اجتماعیة ؟ وإلى أي حد یمكن اعتبارها (أي الشخصیة) منتوجا حتمیا لمعطیات اجتماعیة موضوعیة ؟ فلا یجب أن ننسى أن المهم في بناء الإشكالیة، لیس هو وضع التساؤلات لذاتها، ولا عددها، وإنما التعبیر عن التساؤلات التي سنجیب عنها، والتي لن تؤدي الإجابة عنها إلى الخروج عن الموضوع.
طبیعة العرض:
ینقسم العرض إلى مرحلتین، وبالتالي لحظتین فكریتین متكاملتین:
مرحلة فهم القضیة المطروحة علینا لتقییمها، ویجب في ذلك أن نستغل مكتسبنا المعرفي والأطروحات التي درست. حیث یجب أن تنم كتابتنا عن تأطیر فكري للقضیة التي سنناقشها.
ومن أجل ذلك، یجب أن تبتعد كتابتنا عن العمومیات و"الكلام المبتذل" الذي یمكن أن نجده عند "أي كان". إلا أنه في ذات الوقت، یجب أن نتحاشى الطابع السردي، الذي لا ینم إلا عن الحفظ والاستظهار. فنعمل، بالتالي، عن الاستثمار الوظیفي الجید للمدروس (في الفصل أو خارجه).
وبالنسبة "لسؤالنا" یتعلق الأمر هنا بإظهار تمیز الخطاب السوسیوثقافي في التأكید على الحتمیة الاجتماعیة للشخصیة وأهمیة التنشئة الاجتماعیة في بنائها (توظیف نماذج من الأطروحات السوسیوثقافیة)، مع الحرص على إبراز اقتراب بعض التصورات السیكولوجیة من هذا التمثل.
حیث أن المدرسة السلوكیة مثلا، تنفي دور الاستعدادات الفطریة، والمؤهلات الفردیة، في بناء الشخصیة. كما تتمیز المدرسة اللاشعوریة، بتنویع مكونات الشخصیة، إلى جانب فطري (الهو) وآخر ثقافي (الأنا والأنا الأعلى) والتأكید على توجیه الجانب الثقافي للفطري.
مما یؤكد التفاف العلوم الإنسانیة (باستثناء المدرسة الشعوریة) حول حتمیة الشخصیة. ویمكن الإشارة إلى وجود أطروحات فلسفیة قریبة من العلوم الإنسانیة تؤكد على الحتمیة الاجتماعیة للإنسان (الماركسیة مثلا). لیتم بعد ذلك الانتقال إلى مرحلة البحث عن الأطروحات النقیض، وبالتالي، الاستغلال الوظیفي الجید للأطروحات، التي ترى رأیا مناقضا لما تم طرحه سابقا بعیدا كذلك عن السرد والاستظهار...
ویتعلق الأمر بالنسبة "لسؤالنا" بالأطروحات الفكریة التي تتمثل الشخصیة، وبالتالي الإنسان، بعیدا عن الإكراهات الاجتماعیة المباشرة، أو النفسیة، الناجمة عن تلك الإكراهات. ویتعلق الأمر – في هذا الصدد – بالخطاب الفلسفي الذي یربط الشخصیة بالوعي (كانط ودیكارت)، والخطاب الفلسفي الذي ینفي عن الإنسان كل ثبات، فیرى الشخصیة في تجدد أصیل وفي دیمومة (برغسون). أو یرى أن لیس للإنسان ماهیة ثابتة، لأن "الإنسان یوجد أولا، ثم یحدد ماهیته بعد ذلك" معبرا عن إرادته وحریته (سارتر).
طبیعة الخاتمة:
ما ننفك نؤكد على أن الخاتمة لابد أن تتوزع إلى استنتاج ورأي شخصي. فالاستنتاج یجب أن یكون دائما مستلهما من العرض فیعتبر بالتالي حصیلة، وملاحظة موضوعیة للتنوع الفكري الذي یشوب النظرة إلى القضایا ذات الطبیعة الفلسفیة. الأمر الذي یعطي لنا، كذلك، الفرصة لندلي بدلونا في الأمر، ونعطي رأیا في الموضوع. إلا أن هذا الرأي لابد أن یكون مبررا باقتضاب، فنوظف من أجل ذلك ما نعرفه من أطروحات. وفي كل الأحوال یجب أن نتحاشى الآراء الفضفاضة من قبیل "الأجدر أن نتبنى ما ذهب إلیه الخطاب الفلسفي"، أو "وفي هذا الموضوع یستحسن أن نتفق مع الخطاب السوسیوثقافي." ...إلخ، لأن هذا، كما یلاحظ، كلام یحتاج إلى بعض التوضیح.
طالع أيضا:
تعليقات: 0
إرسال تعليق