جرد ورمزية القوى الفاعلة لرواية "اللص والكلاب"
القوى الفاعلة لا
تنحصر في الشخصيات بل تشمل كذلك المؤسسات والأفكار والقيم والمشاعر، وكل ما يساهم في
تحريك الأحداث، وبالعودة إلى رواية اللص والكلاب أمكننا جرد القوى الفاعلة كالتالي:
الشخصيات خصائصها وصفاتها
تنقسم شخصيات اللص
والكلاب إلى رئيسية وثانوية وعابرة، سنحاول تقديم خصائصها وصفاتها بدءا بالرئيسية وانتهاء
بالعابرة.
سعيد مهران
سعيد مهران شاب مصري
مثقف، تحمل مسؤولية أسرته منذ الصغر، توفي أبوه وبعده أمه، مؤمن بمبادئ المساواة والعدل
والكرامة والإنصاف، مناصر للمظلومين والكادحين، ناضل من أجل تحقيق مبادئ الاشتراكية
على الواقع،حريص على الانتقام من نبوية وعليش اللذان غدرا به وأدخلاه السجن،ومن رؤوف
الذي تنكر لمبادئ الحزب والنضال، يعاني من فراغ روحي وقلق وجودي وغربة وضياع، أسير
الحقد والكره والانتقام.
رمز للكادحين والفقراء
المناضلين من أجل القيم.
رؤوف علوان
رؤوف علوان طالب
قروي، مناضل مؤمن بالتغير، له قدرة على التأثير بأسلوبه في محاوريه، أكمل دراسته ثم
تحول إلى صحفي ناجح، انتهز الظروف السياسية الجديدة فتحول إلى قلم برجوازي مأجور، تنكر
لأصوله الكادحة،ولطبقته،متطلع بشغف لحياة الارستقراطية،أكلا وملبسا ومسكنا، يشوه الحقائق
ويكلب الرأي العام ضد سعيد ويصوره مجرما خطيرا.
رمز للبرجوازية القاسية
على الفقراء.
عليش سدرة
غريم سعيد مهران
– المستفيد من سجنه والمستولي على زوجته وابنته وجميع ممتلكاته – متحايل كبير – انتهازي
خائف على مصيره الشخصي ومتخذ لجميع الاحتياطات حتى لا ينال منه خصمه سعيد مهران.
رمز لخيانة الصداقة.
الشيخ علي الجنيدي
الشيخ علي الجنيدي
زاهد متصوف، له انشغالات روحية بعيدة عن الواقع المعيش، يحاول تبرير الواقع بالغيبيات
لأنه مستفيد من الوضع السياسي السائد – يشكل نوعا من الاطمئنان النفسي والروحي لسعيد
مهران – يلجأ إليه دائما وقت الشدة
.
رمز للتصوف والفكر
الديني.
نـــــــــور
نور عنصر مساعد للشخصية
الرئيسة سعيد مهران – مومس – قست عليها الحياة الاجتماعية – متوسطة الجمال – مستسلمة
لرغبات الزبناء – مغرمة بسعيد مهران وترغب في زواجه – وفرت له الطعام والمسكن والجرائد
والسيارة
.
رمز للإباحية والقيم
المفقودة.
المعلم طرزان
المعلم طرزان صاحب
مقهى – صديق سعيد، وفر له المسدس وأمده بمعلومات هامة ساعدته على الاختفاء عن أنظار
الشرطة.
رمز للصداقة الصادقة.
نبوية
نبوية زوجة سعيد
السابقة، وأم سناء أحبها سعيد بصدق وظل يحلم بالاستقرار الدائم إلى جوارها مع ابنته
سناء بعد خروجه من السجن،لكنها تنكرت له وارتبطت بعليش.
رمز للخيانة الزوجية.
سناء
سناء موضوع صراع
بين الأب الطبيعي سعيد مهران و زوج الأم والمحتضن عليش، لم تتعرف على أبيها، تبدو خائفة
مضطربة أثناء اللقاء الذي جمعها بابيها الحقيقي سعيد مهران.
رمز للبراءة المغتصبة.
المعلم بياضة
المعلم بياضة زميل
سابق لسعيد وصديق وشريك عليش، خان صديقه الأول، وكاد أن يؤدي ثمن هذه الخيانة أثناء
لقائه بسعيد مهران الباحث عن المكان الجديد الذي استقر به عليش.
رمز لخيانة الصداقة
المؤسسات
في الرواية عدة مؤسسات
فاعلة في أحداث الرواية ومؤثرة على شخصياتها نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :
السجن باعتباره أول مكان يؤطر فضاء الرواية، أثناء تواجده به حصلت الخيانة، وتحققت
أهداف الانتهازيين، وهناك الصحافة التي أثرت في جهاز الشرطة والرأي العام المنقسم إلى
معارض أو مناصر لسعيد مهران، ثم هناك المدرسة والجامعة التي شكلت نعمة لرؤوف علوان
ومصدر وعي شقي لسعيد مهران.
المواقع
متنوعة بين الحارة
والمقهى ومنزل نور و فيلا رؤوف علوان والجبل والمقبرة والشوارع وعمارة سكن الطلبة ورباط
الجنيدي، والتي تركت آثارها القوية أو الضعيفة في نفسيات شخصيات الرواية، فهي تحتضن
الذكريات حلوها ومرها، لذلك تم استرجاعها أحيانا، أو محاولة تناسيها كما هو الشأن بالنسبة
لرؤوف علوان و عليش المتنقل من منزل لآخر خوفا على حياته من انتقام سعيد مهران.
القيم والمشاعر
تتنوع هذه القيم
والمشاعر بين القناعة والاستسلام للأمر الواقع ويمثلها علي الجنيدي، والانحراف والخروج
عن القوانين، ويتجسد ذلك في شخصية المومس نور والمتاجرين في الممنوعات من ذوي السوابق
كطرزان وغيره، ثم الرغبة في الغنى والثراء على حساب القيم الأصلية والانتماء الطبقي،
ويبرز ذلك جليا في التسلط الطبقي لرؤوف علوان، في مقابل الالتزام الإيديولوجي والإيمان
الصادق بالعنف الثوري المجسد في شخصية سعيد مهران، أما عليش فيمثل أعلى درجات الشخصية
الانتهازية التي لم تكتف بسرقة أموال الصديق بل ا استولت على زوجته وابنته وكل ممتلكاته،
مما جعل مسألة الانتقام منه ونبوية تحتل مركز الاهتمام لدى سعيد مهران. ولعل أهم الشخصيات
التي عاشت عدة مشاعر متناقصة ومتضاربة وجارفة هي شخصية سعيد مهران، لأنه عاش خيانة
مزدوجة، الأولى اجتماعية من زوجته وصديقه عليش، والثانية إيديولوجية ثقافية من طرف
أستاذه وموجهه رؤوف علوان، مما جعله يحس بالمهانة والخزي والعار أمام أسرته وأصدقائه
وذاته، فقرر الانتقام من جميع الخونة.
المنظور النفسي
إن قراءتنا لرواية
اللص والكلاب من المنظور النفسي، تنتهي بنا إلى إدراك ما تخفيه الشخصيات من مشاعر وأحاسيس
وعواطف متوترة، نستنتج منها عمق الأزمة الإنسانية النفسية التي يعاني منها المجتمع
المصري والعربي في خمسينيات وستينيات القرن20، الذي قدر عليه أن يعيش في زمن غريب لا
يأنس له ولا يشعر معه بالاطمئنان ، إن مؤلف اللص والكلاب بهذا المعنى رواية واقعية
نقدية رمزية تكشف عن الحالة النفسية للمجتمع من خلال التعمق في شخصية سعيد مهران الذي
تعرض لخيانات اجتماعية وسياسية خلقت منه نموذجا بشريا دائم القلق والحيرة ، فمن يكون
سعيد مهران نفسيا؟ وما علاقته بالإنسان العربي؟
خلاصة
هكذا يظل جرد القوى
الفاعلة – شخصية كانت أو مؤسسات أو جمادات أو حيوانات أو قيما ومشاعر – الحاملة لحركة
الفعل التي تمارسها الشخصيات في الرواية أساسية ومهمة في التحليل، لأنها تساهم بطريقة
ما من الطرق في الحدث.
تعليقات: 0
إرسال تعليق